عندما تتحول القصائد إلي رواية
في عام 2000عُرض جزء من أرشيف الشاعر البريطاني الكبير تيد هيوز الموجود في جامعة إيموري بأتلانتا للعموم. فاستنتجت الكاتبة الهولندية كوني بالمن وقائع اللقاء الأخير بين تيد هيوز وزوجته الشاعرة الأمريكية الأكثر شهرة سيلفيا بلاث من قصيدته غير المنشورة “الرسالة الأخيرة”، التي ضمها الأرشيف. ثم استعانت بكل الرسائل، والمقالات، والترجمات وبالخصوص المقدمات والتعليقات التي تركها أو كتبها هيوز عن أعمال بلاث، بالإضافة إلي الدراسات النقدية التي تناولت أعماله، وفي مقدمتها التي قام بها كل من كيث ساجار، آن سكي، وديانا ميدلبروك.
غير أن رواية “أنت قلت” التي فازت بجائزة ليبريس للأدب، وهي جائزة مخصصة للأدب الناطق بالهولندية بالدرجة الأولي اعتمدت علي قصائد عيد الميلاد الثمانية والثمانين، بالأساس، وهي المجموعة التي نشرها تيد هيوز قبل وفاته بأشهر قليلة.
كما شكلت أعمال هيوز الشعرية الأخري مثل، “حياة وغناء الغراب” الصادر في 1970، و”كابريشو” 1990و”عواء وهمسات” في 1998، نقطة مهمة ورئيسة في كتابة “أنت قلت”.
إلي حد هذه اللحظة لا توجد إلا سيرة حياة واحدة لهيوز كتبتها إيلينا فاينستاين ونشرت في 2001تحت عنوان: “تيد هيوز.. حياة شاعر”، وفي 2006ظهر كتاب سيرة لآسيا فيفل، بعنوان: “عاشقة اللامعقول..آسيا فيفيل وسيلفيا بلاث وحب تيد هيوز الملعون”، لياهودا كورن وإيلات نيجيف. غير أن كوني بالمن، مدججة بذلك كله، إلي جانب قصائد، وقصص، ومذكرات، ورسائل سيلفيا بلاث، وعشرات كتب السيرة التي أرخت لحياة سيلفيا بلاث، والدراسات التي اهتمت بأعمالها، وخصوصا تلك التي ظهرت قبل وفاة تيد هيوز، وكان بوسعها التأثير علي حياته في كتابة روايتها، التي تصدر عن سلسلة “الجوائز” بالهيئة العامة للكتاب في مطلع فبراير بترجمة بديعة للشاعرة التونسية الهولندية لمياء المقدم.
تقول دينا مندور رئيس تحرير السلسلة: داخل أرشيف تيد هيوز يوجد صندوق صغير مقفل بالشمع، حمله بنفسه إلي جورجيا، وأوصي ألا يفتح قبل عام 2023، وهي معلومة حرصت كوني بالمن علي إيرادها في تذييل روايتها، وتتابع: الرواية هي استباق لما قد يكشف عنه ذلك الصندوق عند فتحه. وكأن كوني تمنح هيوز لسانا ليروي به القصة كما رآها هو، بعد أن ظل صامتا لثلاثين عاما أو أكثر، في مواجهة كل الإدانات التي واجهها هيوز، “شاعر البلاط البريطاني عام 1984، في انتحار زوجته سيلفيا بلاث بوضع رأسها داخل فرن الغاز، بعد أن أغلقت علي طفليهما فريدا ونيكولاس باب غرفتهما بنوافذها المفتوحة.
وتتابع مندور: لقد منحته كوني لسانا بالفعل، فجاءت الرواية أقرب إلي قصيدة ممتدة، تتوزع الأحداث خلالها عبر مقطوعات شعرية كاملة أحيانا، لتقدم من خلال روايتها شهادة “فنية” مفترضة، لما كان يمكن أن يقوله تيد هيوز، لو قال.
((أخبار الأدب))
اترك تعليقاً